الإصلاح اليمني- من جماعة إسلامية إلى حزب سياسي.. رحلة التحول والتحديات

المؤلف: أحمد الشَلفي08.18.2025
الإصلاح اليمني- من جماعة إسلامية إلى حزب سياسي.. رحلة التحول والتحديات

إن الحديث عن حزب التجمع اليمني للإصلاح ونشأته في اليمن يكتنفه الكثير من الحذر والتساؤلات، إذ لا يمكن الخوض في تفاصيل الحزب دون استعراض النشأة الأولى للحركة الإسلامية في اليمن، والتي باتت تعرف لاحقًا باسم "التجمع اليمني للإصلاح". ومما لا شك فيه، فإن الحديث عن الحركة الإسلامية سيقودنا حتمًا إلى استكشاف علاقتها وتأثرها الثقافي والتنظيمي بالحركة الإسلامية الأوسع نطاقًا، أي جماعة الإخوان المسلمين، على مستوى العالم العربي.

لا يعني هذا التأكيد على أن التأثير العميق للحركة الإسلامية، التي تطورت فيما بعد لتصبح حزب الإصلاح، كان مقتصرًا على جماعة الإخوان المسلمين في مصر فيما يتعلق بالخطاب الفكري والهيكلة التنظيمية. ومع ذلك، فإن اليمن، كغيره من أجزاء العالم العربي، قد تأثر بشكل ملحوظ بالأفكار العابرة للحدود، سواء كانت ذات طابع قومي أو ناصري أو حتى اشتراكي. وقد لاقت الأفكار القادمة من مصر على وجه الخصوص رواجًا واسعًا في اليمن لأسباب عديدة، أبرزها النفوذ الكبير الذي تمتعت به مصر في اليمن وعموم المنطقة العربية. ففي فترة ما بعد ثورة سبتمبر/أيلول عام 1962، كان أغلب المعلمين في اليمن من المصريين، كما أن الطلاب اليمنيين الذين سافروا للدراسة في مصر تأثروا بالحراك السياسي والنخبوي الصاخب في الجامعات المصرية، حيث انخرطوا في حركات تعبر عن تلك التيارات الفكرية والسياسية، بتنظيم من سبقوهم من اليمنيين الذين عادوا إلى الوطن حاملين معهم تلك الأفكار.

وبناءً على ذلك، لا يمكن تجاهل المؤثرات والخصائص الأخرى المتعلقة بالخطاب الديني في سياقه التاريخي والسياسي والثقافي والإعلامي على هذه الحركات. ورغم أن كل حركة اتسمت بظروف خاصة ومميزة، إلا أن جميع الحركات الإسلامية سارت على نفس الخطى واقتبست من نفس المنبع الفكري والتراثي، مع احتفاظ كل واحدة منها بخصوصيتها التي تعكس إطارها الجغرافي والسياسي وتوجهاتها الحركية والدينية.

بعد مضي سنوات عديدة، قد تحدث التفاعلات تغييرًا إيجابيًا على مستوى الدولة والأحزاب التقليدية، وهذا ليس مجرد تفاؤل سطحي، بل هو استنتاج مبني على دراسة مراحل آليات التغيير في مختلف أنحاء العالم، سواء في البلدان التي شهدت حروبًا أو ثورات أو انتفاضات أو حركات تغيير. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ما زال حزب الإصلاح منظمة سرية؟

إن تقييم تجربة حزب التجمع اليمني للإصلاح على مدى 32 عامًا، منذ إعلانه كحزب علني عام 1990 بعد تحقيق الوحدة اليمنية، يعتبر من أصعب المهام النقدية، خاصة وأن الحزب قد مر بالعديد من المراحل المتداخلة، بما في ذلك المراحل الأيديولوجية والدينية والتاريخية والسياسية، بالإضافة إلى واقعه اليمني المتشابك وتأثيراته الإقليمية والخارجية. وقد بدأ الحزب كحركة إسلامية، ثم انتقل إلى العمل السياسي الأوسع نطاقًا كحزب، ثم انخرط بشكل أو بآخر في الانتخابات والدولة، وإن كان يُحسب على المعارضة، وصولًا إلى مشاركته الواسعة في الثورة السياسية الشعبية السلمية عام 2011، ثم تحوله إلى العمل المسلح بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014.

البناء التكويني

يعتمد حزب الإصلاح في هيكله التنظيمي على عنصرين أساسيين:

أولًا: الجماعة

وهم الأعضاء الأساسيون في الحزب، الذين يمثلون العمود الفقري الذي يعتمد عليه الحزب في إحداث التغييرات الكبرى. إنهم يؤمنون إيمانًا راسخًا بأيديولوجية الحزب/الجماعة، ويتأثرون بفكر الإخوان المسلمين. وهم الذين يقومون بتنظيم وحضور معظم فعالياته الجماهيرية، ويخضعون لإدارة فعالة تحمي الحزب من الانهيار.

ثانيًا: أعضاء الحزب وأنصاره

يمثل هؤلاء معظم القوة الجماهيرية للحزب، وهم داعمون أساسيون له، ويشملون شيوخ ووجهاء المجتمع والشخصيات العامة.

الأفكار والمنطلقات

في جميع هذه المراحل، حافظ الحزب على العديد من مسلماته الدينية والتاريخية والثقافية والسياسية، على الرغم من إعلانه تبني الدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية والحريات المدنية. وبالرغم من خطابه المنفتح، إلا أنه ظل متمسكًا بماضيه بكل ما يحمله من إيجابيات وسلبيات، وبما يخدم ويعزز فكرة الجماعة، وليس فكرة الحزب السياسي. ومع ذلك، لا يمكن إغفال ملامح التحديث التي طرأت على الخطاب وبعض الخطوات العملية التي اتخذت للتحول إلى كيان سياسي حقيقي بعيدًا عن مفهوم الجماعة المعروف لدى الإسلاميين.

مما لا شك فيه أن الإصلاح اليوم أفضل بكثير مما كان عليه قبل 30 عامًا أو حتى 20 عامًا، حيث سعى إلى التخلص من رموزه المتطرفة على مستوى الأشخاص والأفكار. ومع ذلك، فإنه ليس في أفضل حالاته على مستوى التطبيق والتنفيذ، إذ لا يزال العديد من قياداته يعتقدون بصعوبة التقدم إلى الأمام لأسباب تتعلق بالبناء التنظيمي والحزبي، وأخرى تتعلق بالتطرف الذي تعتمده الأحزاب الإسلامية في جميع أنحاء العالم العربي، بالإضافة إلى استمرار القيادة التقليدية في قيادة الحزب منذ أكثر من 30 عامًا.

وبالمقارنة، يمكن النظر إلى تجربة الحركة الإسلامية الأم في مصر أو حتى تجربة الحركة الإسلامية في تونس. فعلى الرغم من تبنيها أدبيات متقدمة، إلا أنها لا تزال عالقة في أطر الماضي، وذلك بالنظر إلى العديد من الأحداث من منظور ديني. وحتى نكون منصفين وواقعيين، ونقدم نقدًا بناءً، فإن جزءًا من عدم قدرة هذه الأحزاب، بما في ذلك الإصلاح، على التحرر من أسرها الفكرية والثقافية يعود إلى حرصها على الانسجام مع مجتمعاتها الإسلامية والعربية وموروثاتها التاريخية والفكرية. وهذا بالطبع لا يعفيها من مسؤولية البقاء في دائرة ضيقة، على الرغم من توفر العديد من الأسباب في مراحل مختلفة لإدارة التحول والانسجام مع فكرة الدولة المدنية والديمقراطية والمشاركة في العمل السياسي.

وللتأمل في ذلك، يمكن وضع عدة نقاط لفهم طريقة تعامل الحزب مع العديد من القضايا، مثل قضايا المرأة والديمقراطية والإرهاب والحريات بشكل عام والمشاركة السياسية. ففي أدبياته وتصوراته الواقعية، يبدو الحزب أقرب في التعامل مع هذه القضايا إلى الحزب السياسي الفاعل والمؤثر، ولكن عند تطبيقها عليه داخليًا، يبدو أقل قدرة والتزامًا بها كمعايير تحكم فكرة الحزب.

ويرجع ذلك جزئيًا إلى طريقة بناء الحزب التنظيمي وعلاقاته الفكرية والثقافية المشدودة إلى الماضي، وجزئيًا إلى مخاوفه من اتخاذ خطوات صادمة للمجتمع وإلى المنتمين إليه كحزب إسلامي ملتزم بالدين والمجتمع. وبالتالي، فهو يخشى، في كثير من الأحيان، من حدوث صدام بين مجتمعه الداخلي والمجتمع المحلي الأوسع.

تجربة الثورة

لا شك أن قيام الثورة الشبابية الشعبية السلمية ومشاركة حزب الإصلاح الفاعلة فيها وإعلانه التمسك بمبادئها كان له تأثير كبير عليه من عدة نواح. كما أثرت ثورات الربيع العربي على جميع الحركات الإسلامية في عالمنا العربي، إذ منحت هذه الحركات فرصة للتحول من جماعات تقليدية وتنظيمية إلى أحزاب سياسية. ولكن هذا الأمل تبدد مع أول محاولة للثورات المضادة للإطاحة بتلك الثورات، وفي مقدمتها الحركات الإسلامية التي كانت المستفيد الأول من فكرة الثورات التي أدت إلى إسقاط الأنظمة. ومما لا شك فيه، فإن تعامل تلك الحركات التي وجدت نفسها في السلطة، مثل مصر واليمن وغيرها، بأدوات الجماعة، وليس بمنطق الدولة، والمؤامرة الكبيرة التي حيكت ضدها، كان سببًا في إخفاق الثورات، وانكفاء الحركات الإسلامية على ماضيها، وتفككها كما حدث مع حركة الإخوان في مصر.

كانت المؤامرة أكبر بكثير من قدراتها على البقاء في ظل استغلال وصمها بالإرهاب والتطرف من قبل خصومها لجلب غطاء أميركي ودولي لقمع هذه الثورات والحركات، في ظل عدم وجود انسجام بين الأحزاب القومية واليسارية من جهة، والأحزاب الإسلامية من جهة أخرى.

وعلى الرغم من كل التحالفات التي شهدتها الساحة اليمنية خلال فترة ما بعد الثورات، وخاصة ثورة فبراير اليمنية، إلا أن العديد من قيادات الحزب سعت إلى تحقيق تطور في سير الأحداث، سواء من حيث التغيير في هيكلة الحزب وأدبياته، وخاصة فيما يتعلق بفكرة الدولة المدنية والديمقراطية والمرأة والحريات. ولكن ذلك لم يكن محل اتفاق عام، على الرغم من الحضور الإعلامي القوي لمثل هذه الأفكار في وسائل إعلام الحزب على كافة الأصعدة.

بين الجماعة والحزب

إن استحقاق تحول الحركات الإسلامية حاليًا من جماعات إلى أحزاب سياسية بات في حكم المجهول، على الرغم من أن المحطات الصعبة والقاسية التي واجهتها عقب الثورات كان يمكن أن تؤدي إلى تحول حقيقي بعد مخاض صعب وعسير.
ومما لا شك فيه أن الدعوات المستمرة داخل الحزب تحديدًا لإجراء عملية تحول حقيقية في هيكلته والتغيير الشامل لن تؤتي أكلها في الوقت الحالي، بسبب انخراطه في الحرب والعمليات العسكرية، ولكن عمليات التغيير الشامل في هذه البلدان، التي أدت إلى تغيير الأنظمة، ستغير بالتأكيد هذه الأحزاب وبناءها الهرمي، وهو ما قد يشمل تحولات حقيقية، وإن كان هذا يمكن أن يحدث على المدى البعيد، لا المتوسط ولا القريب.

هناك من يعتقد، على سبيل المثال، أن هذا التحول أصبح صعب المنال، وهو ما قد يكون صحيحًا في الوقت الراهن، بسبب ما أحدثته سنوات الحرب التي يبدو أنها أجلت أي تحول مدني ديمقراطي سياسي في اليمن بشكل عام.

لكن هذه التفاعلات، ولو بعد سنوات عديدة، ستخلق التغيير المنشود على مستوى الدولة والأحزاب التقليدية. وهذا ليس مجرد تفاؤل، وإنما فكرة تقوم على مراقبة مراحل آليات التغيير في العالم أجمع، سواء في البلدان التي شهدت حروبًا أو ثورات أو انتفاضات أو حركات تغيير. والسؤال هنا: هل ما زال حزب الإصلاح جماعة سرية؟ الجواب: لا.

إذن، هل هو حزب سياسي حقيقي حاليًا يقوم على فكرة السياسة، لا الجماعة؟ الجواب: لا أيضًا. وهذا ليس حال الإصلاح وحده، فالحقيقة الماثلة أن جميع أحزابنا السياسية في الوطن العربي، وليست الحركات الإسلامية فقط، لا تزال غارقة في أيديولوجياتها. واليمن ليس مثالًا فريدًا، والحركة الإسلامية ليست الوحيدة، ولكنه مطلب تاريخي للتحول في الوطن العربي لا يخص كيانًا بعينه، ولكنه ربما يبدو أكثر إلحاحًا بالنسبة للحركات الإسلامية، بسبب شعبيتها وحضورها الجماهيري والتنظيمي الأكبر.

كان يمكن لثورات الربيع، لو سمح لها بالعبور، أن تقدم هذا النموذج لتحويل الأحزاب إلى مؤسسات سياسية دينية، بدلًا من بقائها ككيانات وجماعات دينية. ولكن ربما انتقال هذه الثورات إلى مواقع أخرى سيكون له أكبر الأثر في إجراء تحول في طبيعة التفكير وطبيعة القرار وطبيعة السياسة، وهو ما سيغير بلدانًا بأكملها ليصبح الحزب معنى ذا دلالة سياسية، لا ذا دلالة دينية، وليصل صناع القرار إلى مواقعهم عبر تبادل سلمي للسلطة، لا عبر خيارات الأكثر تدينا أو الأكثر ولاء أو قبيلة أو عشيرة. وتلك هي علة مجتمعاتنا العربية أو دول العالم الثالث كما يسمونها.

تجربة مصر يمكنها أن تكون فرصة للحزب والأحزاب الإسلامية العربية الأخرى لمواجهة التهديدات والتحديات السياسية بعيدًا عن كل الاستقطابات والفرضيات الداخلية والخارجية.

وتبقى الديمقراطية بجوهرها الحقيقي فردوسًا مفقودًا، بسبب عوامل الاستبداد وإرهاب الآخر والمنظور الديني. وهذه موروثات تحتاج المجتمعات للتخلص منها إلى قرون من الكفاح والنضال، لتعزيزها كواقع اجتماعي عبر التدريس والتعليم والجامعة والأطر السياسية والإعلامية المعروفة ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ليس إعفاء للحزب أو الحركات الإسلامية عمومًا من مسؤولية عدم الانتقال من مواقعها كجماعات إلى أحزاب والمشاركة السياسية، ولكنه محاولة لفهم السياقات والمراحل التي مرت بها هذه الحركات الدينية لتصبح حركات سياسية، ولتحاول الخروج من مثقلاتها وكوابحها التي تطل كرموز أو كأشخاص مؤثرين ومهيمنين على خطابها كما يحدث في حزب الإصلاح، الذي وجد نفسه بين خيارين: إما تبني الخطوط العريضة التي يسعى لها كحزب سياسي بعد الثورة أو كوابح بعض قياداته وخاصة في البرلمان أو بعض منتسبيه من خطباء المساجد، كمثال على المتدينين الذين يتعارضون كليًا مع التزامه أمام مجتمعه المحلي والخارجي بأدوات ومفاهيم الحزب السياسي.

هناك من يقول إن حزب الإصلاح في اليمن، على سبيل المثال، كان أقل الحركات الإسلامية التي تعرضت للقمع والانتهاك كما حدث في مصر وتونس وغيرها. وبالتالي، فإنه كان بإمكانه، كمشارك في العمل السياسي في أثناء حكم نظام علي عبد الله صالح، أن ينتقل إلى المرحلة السياسية أبكر من غيره من هذه الأحزاب، لأنه لم يمر بالضغوطات الهائلة والانتهاكات نفسها التي مرت بها حركات إسلامية أخرى.

ويعلل ذلك بالقول بأن طبيعة الحركات الإسلامية، وإن توفر لها هذا المتاح مثل حزب الإصلاح، ليس لديها الاستعداد لامتلاك أدوات الانتقال إلى أحزاب سياسية فبقيت في موقعها، لتأتي الأحداث وتبرهن على أهمية التحول وبجدية وحيوية وفق إستراتيجية سياسية وهيكلية تنظيمية تفرض الاتساق والتجانس مع التزاماتها بالتغيير واعتناق مبادئ الديموقراطية الحقيقية، لتكون جزءًا من التحولات التي تمر بها المجتمعات لا عبئًا عليها. ويتهمون هذه الحركات بأنها لم تلتقط الكثير من الفرص التي كانت أمامها.

ويحذر الكثيرون حزب الإصلاح، في ظل تنامي الدعوات الداخلية إلى ضرورة التغيير، من أن يجد نفسه غير قادر على مواجهة مثل هذه المعارضات الداخلية لتكون شبيهة بما حدث في مصر عقب 2011 أو عقب انقلاب 2013، حيث فقدت الجماعة هناك قوتها وكياناتها الاجتماعية، فسجن وتشرد عشرات الآلاف منها، وبدأت بوادر الشك بين أعضائها بسبب تباين القرارات والخيارات بين قياداتها حول إجراء تغييرات وتعديلات واسعة.

تجربة مصر يمكنها أن تكون فرصة للحزب والأحزاب الإسلامية العربية الأخرى، لمواجهة التهديدات والتحديات السياسية بعيدًا عن كل الاستقطابات والفرضيات الداخلية والخارجية.

في الختام، فإننا هنا لا ندرس الأعراض والظواهر، لأن ذلك يحتاج إلى بحث واستقراء تاريخي، ولكنها فكرة تضعنا أمام أبرز النقاط التي قد تدل إلى أهم إشكاليات الظاهرة الإسلامية السياسية التي واجهت تحديات جمة للتحول من الخطاب الديني إلى الخطاب السياسي، ومن فكر الجماعة إلى فكرة الحزب، بعد أن أضاعت فرصًا أتيحت لها ولم تكن مستعدة للتأقلم مع كل حالة جديدة واجهتها خلال العقود الماضية. فكانت حركة التغيير والأحداث أسرع من قدرتها على التكيف والتحول، بسبب الجمود الفكري أحيانًا وانعدام الأدوات السياسية في أحيان أخرى.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة